الاثنين، 19 سبتمبر 2011

رد من هاشم على هاشم - الشيوعيون يتناقشون

حرية غامضة في خدمة مشروع ملتبس

بقلم الصديق هاشم تل

استمتعت البارحة بسماع وجهة نظر الصديق هاشم حجازي حول الثورات العربية بشكل عام، والموضوع السوري بشكل خاص، والتي يعكسها المقال الذي حمل عنوان "ممانعة"، وأود أن أسجل الملاحظات التالية، من منطلق ثقتي بسعة صدر المناضل الكبير، وفي محاولة جادة لتبادل وجهات النظر.

أولاً؛ إن اتخاذ قوى المقاومة مثل حزب الله وحماس موقفاً داعماً لسياسة القيادة السورية مبني بالأساس على دعم سورية للفصيلين المذكورين، في ظل محيط معادي لمفاهيم المقاومة والتحرير ساد في المنطقة مطلع التسعينات إبّان انهيار التحاد السوفياتي وانطلاق العملية السلمية في مدريد، وبتقديري أن الدعوات التي يوجهها البعض لحزب الله والحماس لاتخاذ موقف مضاد للنظام السوري هي بمثابة دعوة مفتوحة للانتحار السياسي، المجاني، في ظل هيمنة الرجعية السعودية في الفضاء العربي،، والمطامع الإسرائيلية الواضحة في لبنان والمدعومة أمريكياً.

ثانياً؛ يحاول الصديق الكاتب، نزع صفة الممانعة عن النظام السوري من خلال إسقاط مفهومه الخاص للمانعة والمقاومة ومحاسبة سوريا على أساسه بالقول أن عدم فتح جبهة الجولان وتحريرها يلغي هذه الصفة، مغفلاً دور سوريا في دعم القوى اللبنانية المناوئة الاتفاق 17 أيار المشؤوم، وأن اتفاق سورية مع الولايات المتحدة في حرب حفر الباطن، هو ما فتح الباب لتعزيز الخط العروبي في لبنان، وأنهى حرباً أهلية استمرت 15 عاماً، وعززت من حضور حزب الله وتالياً تحرير الجنوب عام 2000.

ثالثاً؛ بتقديري أنه لا يمكن اعتبار دخول النظام السوري عملية المفاوضات مع العدو الإسرائيلي إدانة سياسية أو أخلاقية في ظل الاجواء التي رافقت مؤتمر مدريد، وما يحسب له، رغم الملاحظات، أنه لم يندفع إلى توقيع تسوية يتخلى فيها عن الحقوق السورية، شأن بقية الأنظمة العربية، التي يضعها الكاتب في صف واحد مع النظام السوري.

رابعاً؛ ينتقد حجازي عملية التوريث التي جائت ببشار الأسد رئيساً، وهو وإن كان يشير إلى أن هذا يخالف المبادئ الجمهورية "الحقة"، يغفل، في الأثناء، أن تسليم شخص مثل عبد الحليم خدام، نائب رئيس الجمهورية آنذاك، الحكم في سورية، هو بمثابة خيانة لسورية والعروبة ووضعها تحت سيطرة أمريكا وحلفائها مباشرة ودون مواربة.

خامساً؛ يعتبر الكاتب أن العداء لإسرائيل وقصفها بمدافع الكلام أو النار ليست المسألة الأساسية، وأن الأولوية بالنسبة للتقدميين هي وجود "دولة القانون" التي الغاها النظام وانشأ دولته، بحسب تعبيره، وهنا أتسائل عن ماهية دولة القانون الحقة التي كانت سائدة قبل حزب البعث وكيف قام نظام الأسد بالغائها وهل وجود دولة القانون بالمفهوم الليبرالي ممكن التحقق في ظل طبيعة الدول التي قامت بعد الاستقلال، وهل كان هذا حقاً هو الحل السحري الغائب، في مواجهة إسرائيل؟

سادساً؛ إن انتشار الفساد في سوريا في العقد الأخير ظاهرة واضحة، ويعود وذلك إلى تخلي الدولة عن دورها الاجتماعي-الاقتصادي لصالح فتح السوق، وصعود قوى البزنس إلى مراكز صنع القرار، ما أدى إلى افقار جماهير واسعة في الأرياف، وضياع هوية النظام السوري، وهنا، تكون الدعوة إلى تطهير مراكز صنع القرار السوري من قوى الليبرالية الجديدة قضية حيوية لاستقرار الدولة وتمتين قاعدتها الاجتماعية.

سابعاً؛ إن استنتاج الكاتب، أن على قوى اليسار، والقوى التقدمية، الاندفاع إلى تأييد مطالبة بعض القوى السورية باسقاط النظام باسم الحرية، واستنكاره دعوة بعض القوى لإصلاحه، يأتي دون تقديم تحليل موضوعي لطبيعة هذا الحراك وبرنامج القوى القائمة عليه وماهية الحرية وشروطها وكلفتها، ويصبح بالتالي، التحاق غير مشروط وخطير بحراك لا يشكل اليسار وقواه جزءً فاعلاً فيه، ولكنه يتطوع لتبرير نتائجه مجاناً بدعوى "التقدمية" و"المبدأية".

ختاماً؛ بتقديري أن الاندفاع باتجاه تبني مواقف أحادية بخصوص الثورات العربية لا يخدم قضية التقدم والتحرر العربي، والقول أن ما يجري في ليبيا وسورية ومصر وغيرها من البلدان هي حالات متماثلة لنداء "الحرية" يضعنا في موقف "مثالي" يغدو فيه اليسار ومخزونه المعرفي مجرد أداة في خدمة مشروع ملتبس.  

ليست هناك تعليقات: