السبت، 17 سبتمبر 2011

مقارنات

  مقال بقلم الكاتب الصديق هاشم حجازي

غالباً ما يجري الوقوع بنفس الخطأ، وهو خطأ مقارنة قمع بقمع، وفي الوقت الحاضر، ومع انتفاض الشعوب العربيه في اكثر من بلد عربي، انتعشت عملية المقارنه بين قمع وقمع بل بين جيش وجيش فيما بين البلدان العربيه. وأذكر حادثة قديمه تعود الى نهاية سبعينات القرن المنصرم، حيث قام حزب العمل الشيوعي بتوزيع بيان في مؤتمر عقد في دمشق ،في اعقاب معاهدة كامب ديفيد،يركز فيه على ما يقوم به النظام السوري من قمع شديد للقوى السياسيه ، ويحذر من الوقوع في فخ المقارنات،خصوصا بين سوريا[الممانعه] والعدو الاسرائيلي. أما الان ومع انتعاش المقارنات بجدر بنا الوقوف امامها لنرى كنهها،لا سيما وان الانتفاضات متشابهه سواء من حيث أسبابها، او سلوكها يغض النظر عن نتيجة كل منها.
القمع هو النقيض الاساسي لحقوق الانسان، وللقمع اشكال وأصناف عديده، داخل القانون وخارجه ،تستخدم فيه وسائل عديده ،ويكون القهر والاذلال نتيجه لمن يمارس ضدهم،وبغض النظر عن قوته او شدته فهو مرفوض أساسا.لاشك ان للبلدان العربيه صفات مشتركه واحده، كعوامل النشأه ،وتخلفها الراهن عن الركب الانساني وان بدرجات متفاوته وكذا تبعيتها وتأثرها بالقوى الخارجيه،وعملية التجريف السياسي الذي قامت به الانظمه بحيث بقيت القوى الدينيه،التي تستمد قوتها من التخلف،وترتسم علامات الاستفهام حول سياستها الراهنه.

ولكن لهذه البلدان ايضا صفات مفارقه بين كل بلد واخر من ناحية أجهزة الدوله وتحديدا أجهزة الأمن ،وكيفية قيامها بمهامها.
كبدايه ثمة ضروره للفصل بين الأمن واجهزة الأمن ،وفحواه ان الأمن حاجه انسانيه ومطلب مجتمع حر، وهذا لا خلاف عليه .ولكن أجهزة الأمن تطبق سياسه أمنيه، ولها عقيدتها المشتقه من عقيدة النظام السياسي للدوله وسياسته.وفي حالتنا العربيه الراهنه فان هذه الاجهزه لا تجلب الأمن للبلد العربي المعني،ولنا في علاقاتها مع اسرائيل حربا او سلاما خير مثال على ان هذه الاجهزه ليس همها الخارج ايا كان ،ولكن جل ما تقوم به هو قمع جماهير الناس داخل الدوله ولصالح النظام الحاكم.هذه الاجهزه حين تقوم بمهمتها القائمه حتما على القمع،يختلف هذا القمع في درجته وكيفيته تبعا للنظام والبلد دون ان يكف عن كونه قمعا مهما كانت شدته وكيفيته وآلياته.

ففي بلد كمصر والى حد ما تونس لدينا نظاما كامل الاركان مؤسساتيا ،بمعنى  حكومه وجيش وقضاء،والجيش ثمة فاصل بينه وبين الحكومه والرئيس ،كما يوجد جهاز شرطه كبير قام بمهمة القمع ولم يتورط الجيش في القمع،وخارجيا وبحكم وضعي مصر وتونس استطاع الغرب وتحديدا الولايات المتحده التحرك المباشر ازاء الوضع لاغراضهم الخاصه، فضحوا في كلا البلدين بالرئيس وجرى الاحتفاظ بالنظام.
اما في البلدان الاخرى وهي هنا ليبيا واليمن وسوريا ،فالوضع مختلف ، فداخليا لايوجد مسافات فاصله بين الرئيس والاجهزه الحكوميه وتحديدا الجيش ،واصبحت هذه البلدان واجهزة الدوله ملكا عائليا وتتصرف وفق هذا المنطق،وتقف ليبيا متفرده بين شقيقاتها من زاويه انه جرى الغاء كل شيء ،واصبحت البلد ملكا عائليا للقذافي وعائلته مدعمة بكتائب قادتها ابناؤه انفسهم،اما خارجيا فالموالاة ليست كمصر وتونس،ومن هنا فتصرف اميركا والغرب ليس مثله اتجاه مصر وتونس،مع بقاء اساليب الاستغلال الغربي نفسها ،ومجمل التصرف محكوم بمصالح هذه الاطراف.
ان عملية المقارنه ليست مرفوضه مبدئيا فقط بل عمليا ايضا ،فهي تبرر دور الجيش المصري وهو قمعى بحكم الواقع ،حين استحضار الجيش السوري او اليمني وما يصنعان بالناس،اى ان المقارنة تشرعن ما تعتبره قمعا خفيفا وتجعل من الحالة الاخرى الاصل،ان كل مقارنة هنا مرفوضه مبدئيا.

لقد ضاقت سبل العيش في هذه البلدان على جموع الناس ،بحيث اصبح مجرد اسقاطها انجاز اما بعد ذلك فلكل حادث حديث.

                                                                                              

ليست هناك تعليقات: