الأحد، 17 أبريل 2011

تقاسيم على وتر الدستور الأردني


تقاذفتني احداث الرابع والعشرين من آذار في الاردن  من بالغ التعاطف الى بالغ التشكك ، فانا بطبيعتي اعشق كلمة لا وبالتالي يستهويني كل من يعبر عنها ، ولكني بنفس الوقت مواطنة" عربية" تتملكني نظرية المؤامرة وترعبني فكرة ان يسيطر على المناخ السياسي الإخوان المسلمين وهذا الهاجس هو ما يستخدمه النظام بشكل مستمر في إخافتنا جميعا (الفزاعة) ويساعد عليه الاخوان بواقع ممارساتهم السياسية والفكرية عبر تماس الشارع معهم.

لا أخفيكم اني احسست بأني خذلت الشباب (المجموعة) ممن كانو ا يرجمون بالحجارة على مرأى ومسمع من "قوات الأمن" وبمباركتها مما ادى الى قتل شخصين من المعتصمين !!! ، لم اتمالك الا أن اتساءل "بأي ذنب قتلت " ؟؟؟ ... ما الجريمة التي ارتكبها هؤلاء ليكون هذا مصيرهم .. وهل فعلا نقابل مجموعة من المواطنين الاردنيين  الذين اختارو ان يخرجوا للشوارع ليقولوا للفساد لا  بالدفع  بمسيرات "زعران " مؤيدة للملك مدفوعة من "مؤيدي" النظام !!!...

أذهلتني المفارقة أن يكون النظام غبي بامتياز بحيث يتم إقران رفض الفساد بعدم الولاء للملك وبشكل شرطي... فما الذي يجنيه النظام من ربط وجود الفساد بوجود الملك ؟؟؟ ومن هو العبقري الفذ الذي اتحف النظام بهذه الطريقة اللوذعية الدفاعية عن النظام ؟؟!!... أم انه فيلم تتوجه الكوميديا السوداء ؟؟

 وفجأة ودون سابق انذار انفجرت ماسورة تأكيدات "انتمائية" ممن يؤكدون الولاء للملك  "الوطن " بكافة الطرق والوسائل من أول رفع الأعلام على السيارات والسير بالشوارع بالعرض فيما يبدو انه استعراض قوة وسيطرة الى الأغاني "الوطنية" التي تمجد بالملك واننا جنوده الأوفياء الى جملة المذيع "الوطني بجدارة" محمد الوكيل " اللي بحب الاردن الله يصبحه بخير واللي ما بحب الأردن الله لا يصبحه بخير"، والتصريحات التي تغمز وتلمز بان من يدفع بهؤلاء الشباب هم "الإسلاميين" وانهم يستغلوا "المعارضين" ليؤمنوا لهم كرسي على طاولة النظام واوراق ضغط على الحكومة ،  واخيرا وليس آخرا التصريحات المتقدة والتي تطلب من اي أردني من اصل فلسطيني بان يأخذ "ملوخياته" وينزل عالجسر !

وجرياً على عادتي من ايام الدراسة عندما اشعر اني في وسط متاهة وغير قادرة على حل اي مسألة كنت أعود الى المباديء الأساسية لأعرف وجهتي في حل المسألة ذات التعقيد ، و"المسألة"  هنا لها "نظرية " ومباديء اساسية مجملة بما نطلق عليه مفهوم الدستور وهو بفهمي البسيط عقد اجتماعي يستمد شرعيته من الشعب وينظم العلاقة ما بين السلطات الثلاث التشريعية (البرلمان والملك) والتنفيذية ( الحكومة)  والقضائية .

ونبدأ بأضخم موضوع هل من يطالب بالإصلاح هو ضد الملك شخصيا ؟؟ ، طيب شو وضع الملك في الدستور ؟؟؟
تعالو نفتح الدستور ونشوف شو المواد التي تتحدث عن حقوق الملك

المادة 30  الملك هو رأس الدولة وهو مصون من كل تبعه ومسؤولية
. المادة 31  الملك يصدق على القوانين ويصدرها ويأمر بوضع الأنظمة اللازمة لتنفيذها بشرط أن لا تتضمن ما يخالف أحكامها.
المادة 32  الملك هو القائد الأعلى للقوات البرية والبحرية والجوية
. المادة 33التعديل2  1. الملك هو الذي يعلن الحرب ويعقد الصلح ويبرم المعاهدات والإتفاقات .  بموجب التعديل المنشور في العدد 1380تاريخ 4 /5 /1958 من الجريدة الرسمية  التعديل3  بموجب التعديل المنشور في العدد1396 تاريخ 1 /9 /1958 من الجريدة الرسمية .
2. المعاهدات والإتفاقات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدولة شيئاًً من النفقات أو مساس في حقوق الأردنيين العامة أو الخاصة لا تكون نافذة إلا أذا وافق عليها مجلس الأمة ، ولا يجوز في أي حال أن تكون الشروط السرية في معاهدة أو إتفاق ما مناقضة للشروط العلنية .
المادة 34  1. الملك هو الذي يصدر الأوامر باجراء الإنتخابات لمجلس النواب وفق أحكام القانون .  2. الملك يدعو مجلس الأمة إلى الإجتماع ويفتتحه ويؤجله ويفضه وفق أحكام الدستور.  3. للملك أن يحل مجلس النواب .  4. للملك أن يحل مجلس الأعيان أو يعفى أحد أعضائه من العضوية .  بموجب التعديل المنشور في العدد 2523 تاريخ 10 /11 /1974 من الجريدة الرسمية
 المادة 35  الملك يعين رئيس الوزراء ويقيله ويقبل إستقالته ويعين الوزراء ويقيلهم ويقبل إستقالتهم بناء على تنسيب رئيس الوزراء المادة 36  الملك يعين اعضاء مجلس الاعيان ويعين من بينهم رئيس مجلس الأعيان ويقبل إستقالتهم
المادة 37  1. الملك ينشىء ويمنح ويسترد الرتب المدنية والعسكرية والأوسمة وألقاب الشرف الأخرى وله أن يفوض هذه السلطة إلى غيره بقانون خاص .  2. تضرب العملة باسم الملك تنفيذاًً للقانون .
المادة 38  للملك حق العفو الخاص وتخفيض العقوبة ، وأما العفو العام فيقرر بقانون خاص.
المادة 39 لا ينفذ حكم الإعدام إلا بعد تصديق الملك وكل حكم من هذا القبيل يعرضه عليه مجلس الوزراء مشفوعاًً ببيان رأيه فيه .

أنا لا ادعي العلم او الاختصاص بالقانون الدستوري ولكني ازعم ان هذا الدستور انشيء ليحكم جوانب من حياتي شخصيا كما من حياة كل أردني ، وبالتالي لفتني ما يلي :

  • كيف نتوقع ان نضع كل هذه الصلاحيات في يد فرد واحد ثم لا يقوم ولو عفوا باستغلال هذه الصلاحيات ؟؟ حتى وان كان هذا الفرد نبيا منزلا !
  • كيف تجتمع كل هذه الصلاحيات لفرد ما ثم يكون مصونا من كل تبعة ومسؤولية ؟؟!! ، لا وهناك فقرة اغرب في الدستور "  أوامر الملك الشفوية أو الخطية لا تخلي الوزراء من مسؤوليتهم" طيب يعني لو الملك أمر بشيء قد يخضع الوزير للمسائلة شو آلية الرفض عنده ، واذا ما في آلية رفض كيف نعاقب المنفذ والآمر مصون من اي تبعة او مسؤولية ؟؟
  • بالمقابل جميع نصوص الدستور التي تمنح او تكفل حرية التعبير مرتبطة بقانون ،والقانون يمرر من خلال مجلس نواب  انتخب عبر قانون انتخابات مختل ولا يمثل الجميع بوضعه الحالي باعتراف سائر الاقطاب السياسية من حكومة ومعارضة وهو من افرزبدوره  جميع المجالس النيابية السابقة والتي اقرت قوانين كان منها ما هو مخالف للدستور -كقانون الاجتماعات والذي كان يستدعي موافقة الحاكم الاداري على طلب اقامة الأجتماع العام رغم ان الدستور اشار صراحة الى كفالة حق الاجتماع للاردنيين - ، إضافة أن القانون يستدعي موافقة مجلس الاعيان والذي هو ايضا مجلس معين من قبل الملك!
  •  حاولت جهدي البحث في قانون المخابرات العامة وما هو السند القانوني للسلطات اللانهائية المعطاة لها في التحكم بالبلاد والعباد ، للاسف القانون لا يحدد الاختصاصات بشكل واضح وانما بمفردات عامة مبهمة يبدو لي انها مقصودة ... مما افرز التدخل السافر للمخابرات في اي شيء وكل شيء يخص حياة المواطن ودون أن يكون هناك ما نستند اليه في محاكمة نهج هذه الدائرة !
  •  وأخيرا السلطة القضائية والتي من المفترض ان تكون سلطة رقابية ضامنة لعدم تغول السلطة التنفيذية على المواطن ، هي بذاتها تجأر بالشكوى من تغول السلطة التنفيذية عليها ... كيف يعقل ان يكون قاضي مستقل بقراره ان كان وزير العدل يستطيع ان يقيله وبدون ابداء الاسباب ، هذا عدا عن النقل وتحويل حياة القاضي الى عناء متواصل ان سولت له نفسه بالإستقلال ؟؟
أما السلطة الرابعة .. الإعلام ... فحدث ولا حرج واعتقد ان استماعك لبرنامج حواري واحد على التلفزيون الاردني العتيد او استماعك لحلقة من برنامج "محمد الوكيل" على الصبح يجعلك تتأكد بشكل لا يدع مجالا للشك بأنك اجندة ومندس مهما كانت توجهاتك الفكرية ، فالوطن كلمة لها مفهوم واحد ووحيد يساوي "الملك" ومن يرى غير ذلك "الله لا يصبحه بخير" !

المضحك المبكي أن من يحمل مسؤولية الوضع وما آل اليه ويشير بإصبعه الى شخص الملك ... لا ليست المعارضة ولا الإخوان المسلمين ، بل هم وزراء ورؤساء وزراء ليسوا بمنأى عن الفساد العميق المنتشر والمستفحل! ،هل هناك ما هو من المخفي الاعظم ما يجعل هؤلاء يشعرون بأنهم بمنأى عن الحساب ؟؟

أنا لن احاول ان اطرح استنتاجاتي الخاصة ورؤيتي للوضع في الأردن ، واترك للقراء الكرام جمع قطع الفسيفساء ورؤية الصورة الكبيرة .. ولكني استطيع ان أجزم .... المزيد من الديموقراطية والمساواة بالتأكيد هي العلاج وليست مكمن المرض.



ليست هناك تعليقات: